لم يكن عزْ يجمع بطاقات البريد الفلسطينية ليخدع الزمن، ولا ليؤرخ بالمعنى الدقيق لفلسطين، بل ليراها كل يوم بعينيه، ويلمسها بأصابعه، كان عاشقاً، وفي هذا الكتاب، أيها القارىء، قصة حبه.
فلسطين الأرض. كان عزالدين يفتح دفتر الصور القديمة كما تُفتح النوافذ. وكانت فلسطين تأتي مع الشمس.
فلسطين الشعب. كان عز يختلس بين الحين والحين ساعة من عمره أو ساعتين وينثر بطاقاته بين يديه، يصغي لرنين المعاول، وصراخ الباعة وحداء الرعاة.
فيا أيها القارىء:
إذا قلّبت صفحات هذا الكتاب، وراقت لك الصور والألوان، لاتنسَ، بالله لاتنسى، أنه شهادات عن الوطن، وأنه خُضّب بدم الشاهد الأخير.
فاروق مردم بك
بقلم فاروق مردم بك في مقدمة كتاب بطاقات بريدية من فلسطين: ولد عزالدين القلق في حيفا عام 1936 وفي عام 1948، هاجر مع أسرته من فلسطين، وبعد إقامة قصيرة في لبنان، استقرّ في دمشق مع أهله .
في عام 1956، درس العلوم في جامعة دمشق، وشغف بمتابعة الأوساط الفنية والأدبية، ونشر مجموعة من القصص. وقـد سجـن لأفكاره السياسية من عام 1959 إلى عام 1961، ثمّ استأنف دراسته بعـد إطلاق سراحه، وحصل على ليسانس العلوم عام 1962.
وإزاء المصاعب المالية، التي تعرضت لها أسرته، غادر إلى العربية السعودية، واشتغل بالتدريس لمدة عامين، قبل أن يسافر إلى فرنسا، حيـث قرر إتمام دراسته. وفي عـام 1965، استأنف الدراسة في جامعة ” بواتييه ” وحصل منها على دكتوراة في العلوم بامتياز.
وحين وصل إلى باريس عام 1969اتصل بالطلاب الفلسطينيين النشطين، وانتُخِب في نفس العام رئيسا للإتحاد العام لطلبة فلسطين. وفي عام 1970 انتخب أيضا رئيسا للجنة المساندة، التي تكونت لتأييد الثورة الفلسطينية في أثناء قتالها في الاردن. وبفضل تضامن الشعب الفرنسي، استطاعت تلك اللجنة أن تحقق قدرا هاما جدا من التعبئة والمساندة .
وفي عام1974 بعد اغتيال محمود الهمشري، عُيّن عز ممثلا لمنظمة التحرير الفلسطينية في باريس، وكرّس نفسه لمهامه التي أدّاها ببراعة وتواضع، ولم يضيّع عزالدين فرصة لعرض قضية فلسطين . ورغم تعرّض حياته للخطر الدائم، فإنه كان يجد بعضا من الوقت بعيدا عن العمل السياسي الدبلوماسي، يُشبع فيه عشقه للفنون. لقـد استطاع أن يجمع مادة لسلسلة من الأعـمال كان يُعِدّها للنشر، عن الملامح الحضارية للعرب الفلسطينيين. وهذا الكتاب ماهو إلاّ واحدا من مجموعاته، التي بُترت باغتياله في 3 آب \ أغسطس 1978، هو ورفيقه عدنان حماد، وهما في مكتب منظمة التحرير الفلسطينية بباريس. ولحـقا بطابور اخوتهم الشهداء،الذين سقطوا على طريق تحرير فلسطين.
حيفا يايمامة ترفّ للصيادين
كلّما أتت اليها المراكب،
هلا مددت للغائب يدا،ً
للحامل صورة الأرض في المنافي البعيدة
زاداً للسفر،
هلّا حدّثته،
هلّا امتلأت منك يُمناه
أيتها الغارقة، في العشيّات التي ضمها البحر،
وأنفاسُ الثوار الزكية،
كما كنت يوم الرحيل.
يومٌ مضى ثقيل الخُطى
هلاّ حدَّثْتِه،
طويتِ لعنة الزمان.
آن للغائب أن يستلقي على راحتيك
يُهدْهِدهُ وقع أقدام العابرات.
وياعزٌ، أيها السقّاء
كنت تمازحنا، تقول راح الشباب
فتمَهّل على الدرب
وقل لليمامة أن تبسط جناحيها،
قل لها
أننا قادمون .
الياس صنبر: شاعر ومترجم فلسطيني، سفير فلسطين في الأونسكو- باريس .
www.ezzedinekalak.com | designed by: Hammam Yousef :: Copyright © 2017 - 2018