بقلم لويس بيترلان | مناضل سياسي، دبلوماسي، حاصل على دكتوراة في العلوم، كان عزالدين القلق رجلاً حساساً ومثقفاً يستطيع التكلم في كل المجالات: في الهندسة المعمارية، في الأدب، في الموسيقى، وفي الرياضة، مع تمتعه بذكاء حاد ومعرفة معمقة
يوم السبت الفائت، وعلى شكل الوداع في مسجد باريس، كان البروفسور ميشيل لاريفيير مفعماً بالعواطف حين صرح: ” كنا من نفس الدم، وكنا من نفس الجلد.”
نعم، نحن الذين لم نكن عرباً ولا فلسطينيين، شعرنا بموت عزالدين القلق وعدنان حماد وكأنه عضو اختفى لتوه من أفراد عائلتنا.
عندما أتى عزالدين لأول مرة لزيارة مكتب جمعية التضامن الفرنسية العربية عام 1972، كان يرافقه محمود الهمشري، والذي أصبح نفسه في اليوم التالي ضحية مؤامرة من قبل المخابرات السرية الإسرائيلية، بالنسبة لعزالدين كان قد استلم قبل أيام من ذلك رسالة مفخخة كانت حمولتها أكثر من كافية من أجل قتله كما صرحت بذلك مخابر الشرطة الفرنسية.
إن التحذيرات التي كان هو هدفها بشكل دائم، وخاصة من قبل الأعداء الحقيقيين له أي الإسرائيليين، لم تمنعه من المشاركة في كل اللقاءات العامة التي كان يُدعى لها.
لم يكن سفيراً لفلسطين، ولكن سفيراً لكل القضايا العربية بلهجته الرنانة دائماً مرفقة بتصرف لائق حتى مع محاوريه الأكثر استفزازاً.
أذكر أنني كنت بصحبته يوم 17 جوان 1975 في جبل فاليران مع وفد لمنظمة التحرير الفلسطينية ،الذي حضر للمشاركة في إحياء ذكرى الرئيس السابق للمقاومة الفرنسية، وبنفس الوقت إحياء ذكرى المقاومين الذين يناضلون ضد الاحتلال.
وداخل الأضرحة التي يرقد فيها بعض المقاتلين من الحرب الأخيرة، أظهر حارس المبنى التذكاري وعاءا يحوي رماداً مختلطاً لجنود فرنسيين يهوداً كانوا أم مسيحيين أم مسلمين، قال لنا عزالدين متأثراً: ” هذا رمز لنضالنا في فلسطين.”
وإذا لم يستطع أن يحيي الاجتماعات الشعبية في اجتماع شعبي في فرنسا وفي أوروبا، كان عزالدين دائماً جاهزاً لأن يجيب على أسئلة الصحفيين من كل حدب وصوب، أو يقوم بإجراء محادثات من المسؤولين السياسيين من كل اتجاه. ونجح في أن يكون محط تقدير للخارجية الفرنسية، لأنه استطاع إقامة روابط شبه رسمية بعد اغتيال من سبقه، محمود الهمشري، خاصة منذ عام 1975 حيث أصبح ممثل مكتب الإعلام لمنظمة التحرير الفلسطينية في باريس.
مناضل سياسي، دبلوماسي، حاصل على دكتوراة في العلوم، كان عزالدين القلق رجلاً حساساً ومثقفاً يستطيع التكلم في كل المجالات: في الهندسة المعمارية، في الأدب، في الموسيقى، وفي الرياضة، مع تمتعه بذكاء حاد ومعرفة معمقة.
ولكن الصورة المميزة التي استطاع أن يتسم بها بفضل الصحافة المكتوبة، والمحكية خاصة، والمرئية، جعلت منه ” شخصاً ” محترماً ومحل تقدير من كثيرمن اليهود الفرنسيين، حتى أن أحد الحاخامات الذي قدمته له قبل سنوات، كلمني في الهاتف يوم الخميس ، بعد ظهر يوم التآمر ليعبر لي عن تعاطفه الحزين معه.
لأنهي الكلام أسرد هنا آخر الجمل التي قالها في المهرجان الخطابي الذي نظمته جمعية التضامن الفرنسية العربية والجمعية الأوروبية العربية أيضاً (أرابيا) يوم 20/ سبتمبر/ 1977 ،حيث تناول المهرجان الدور الذي يمكن أن تلعبه أوروبا من أجل تسوية سلمية في الشرق الأوسط : “يُحكى دائماً وكثيراً عن قضية الحرب والسلام في المنطقة، ولكن من مصلحة العالم العربي وأوروبا أن يقوموا بتعزيز التواصل فيما بينهم، وأن يتعاونوا على كل الخطط، بحيث يتمكن الفلسطينيون من إقامة دولة مستقلة لهم، ليس هذا وحسب، بل لتتمكن جموع العرب والأوربيين من التعاون لمصلحة إرساء السلام والأمن الدوليين.”
إن الحرب في المنطقة لا تعني العرب والإسرائيليين فقط، وإنما تعني المجتمع الدولي أيضا، فليصبح هذا المهرجان الخطابي انعكاساً للرغبة الجماعية من اجل العمل معاً للسلام.”
(*)_الأمين العام لجمعية التضامن الفرنسية العربية، ورئيس “آرابيا” الجمعية العربية الأوروبية.
www.ezzedinekalak.com | designed by: Hammam Yousef :: Copyright © 2017 - 2018