موقع الشهيد عز الدين قلق

الهبة العظمى

بقلم روجي جوتو | لقد فهم المرحوم عز الدين القلق متطلبات الثورة الفلسطينية، التي بقي وفيا ً لها، إلى درجـة التضحية بنفسه. تفصلنا عن موته عدة أشهر، إلاً أن هذه الشخصية الفذة كأنها لم تغب عنا إلا ً بالأمس القريب جدا ً، لقد ربطتنا به الصداقة ونكن له الود والإعجاب، ونقدره حق ّ التقدير.

هناك رجال ينتهي بهم الأمر إلى الإلتحام بالمثل الأعلى الذي رسموه لأنفسهم في الحياة وأفضل طريقة لإحياء ذكراهم هو تمديد حياتهم في مواصلة هذا المثل الأعلى .

وعلى هذا الطريق فقدت الثورة الفلسطينية في باريس يوم 3 آب /أغسطس 1978 واحدا ً من هؤلاء الرجال ألا وهو الدكتور عزالدين القلق ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في باريس ، الذي اغتيل غدرا من طرف الأدوات الصهيونية .

لقد فهم المرحـوم عزالدين القلق متطلبات الثورة الفلسطينية ، التي بقي وفيا ً لها ،إلى درجـة التضحية بنفسه. تفصلنا عن موته عدة أشهر، إلاً أن هذه الشخصية الفذة كأنها لم تغب عنا إلا ً بالأمس القريب جدا ً ، لقد ربطتنا به الصداقة ونكن له الود والإعجاب ، ونقدره حق ّ التقدير.

كان الأخ عزالديـن القلق مثالا ً لطـيـبـة القلب ورحـابة الصدر والاستقامـة ،ولانكـاد نصدق أن ابتسامته التي كانت تلازمه دائما وأبدا ً قد خبت .إذ لم ترتسم على محياه النّضرة ِ شكوى أو تذمر بل كانت ابتسامته تتكشف عن ذكاء متقد وذاكرة مشحوذة ،لقد جـمع حـوله صداقات طـبيعية مبنية على الصراحـة ، ولم تـُسجّل عليه سوء معاملة أو نفور ٍ

قليلون هم الرجال الذين يتمتعون بمقدرته على التحكم في نفسه وانضباطه . خصاله الشخصية لاتعد ولاتحصى ، إلى جانب مقدرته المهنية ، التي يشهد له بها الأعداء قبل الأصدقاء ،تركت في نفوسنا أثرا ً لايزول على مدى الأيام .

من منّا لايـذكر أن الدكتور عزالدين القلق قد جـاء إلى كوناكري في نيسان / ابريل عام 1976 ، إبّان انعقاد اسبوع التضامن الفلسطيني ــ الغيني ، حـيث قدّم في قصر الشعب محاضرة قيّمة عالـج فيها تاريخ فلسطين .

“إن الشعـب الفلسطيـنـي مع ذلك ليس شعبا ً يبتـغي الثأر للثأر … والشعب الفلسطيني مع كل المآسي ، التي تعرّض لها ليس حقودا ً … نحن شعب على غرار الشعب الغيني وشعوب افـريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية محب ٌ للسلام والحرية والكرامة … إننا لانحارب اليهود، بل نفرّق جـيدا ً بين اليـهود، والصهاينة ، وكفاحنا يندرج في الإطار السياسي.. نحـن نقـف ضد القوى الامبريالية، وضد الوجـود الصهيوني ضد الرجعية ، ولكننا إلى ذلك مع التعايش السلمي.”

لقد رمى القلق بنفسه في خـضم المعركة ، التي يخـوضها شعبـه بقلب يدعو للإعجـاب . كـان يتحدث عن فلسطين ـ تلك الأرض العربية ، العربية بثقافتها ولغتها وتاريخها ، مهما فعلت الصهيونية ، التي تـُعدّ ايديولوجية في منتهى الرجعية ودرعا للامبريالية العالمية.

لقد لقي عزالدين مصرعه وهو جندي لايترك السلاح من يده ، دون مرارة أو حقد ، لقد استشهد شامـخ الرأس في صفـوف الثـورة الفلسطينيـة . استشهد عـزالدين من أجل مثل أعلى، وستظـل شعلة كـل الشهداء الفلسطينيين مشتعلة باسم العدالة والسلم.

ومهما تكن وحشية قمع الصهيونية ، فإن الشعب الفلسطيني سيواصل كفاحه إلى أن يبلغ النصر النهائي، تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية، وعلى رأسها القائد الأكبر ياسرعرفات.

تلك هي الطريقة الوحيدة لتخليد ذكرى الدكتور عزالدين القلق ، ذلك المجاهد الأكبر من أجل الحرية.

روجي جوتو


شاعر وصحفي غيني كوناكري

إقرأ أيضا

Leave a Comment