وفق محتوى المسرحية، فإن دوافع الاغتيال مختلفة، لكنها تلتقي في هدف واحد هو إزاحة مثقفين فلسطينيين يخوضون معركة كفاح شعبهم من أجل الحرية والقرار المستقل والخلاص من الاحتلال الإسرائيلي وسط مجتمعات غربية تعتبر من الداعمين والمؤيدين لتل أبيب، فـ”إسرائيل لا تريد من يكشف زيفها وتزويرها للحقائق أمام الرأي العام الأوروبي”.
تعرض مسرحية في العاصمة الأردنية بعنوان “ذكرى” تناقش اغتيال ثلاثة قياديين فلسطينيين في أوروبا، وتكشف بعضا من تفاصيل تاريخ فلسطين في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين من خلال مواقف الشهداء الثلاثة. كما تشير إلى دور إسرائيل في طمس العقول الفلسطينية.
وتعرض المسرحية على خشبة مسرح البلد وسط العاصمة الأردنية ضمن برنامج مسارات بفلسطين وبالتعاون مع المجلس الفرنسي في بلجيكا والسفارة البلجيكية في عمان. وعلى مدار ساعة، تروي ثلاث فنانات بلجيكيات باللغة الفرنسية شهادات واقعية عن اغتيال محمود الهمشري ونعيم خضر اللذين اغتالهما الموساد الإسرائيلي، في حين اغتيل مسؤول منظمة التحرير في باريس عز الدين قلق على يد طالب فلسطيني من جماعة صبري البنا (أبو نضال) المتعاونة مع المخابرات العراقية آنذاك، كما جاء في الشهادات.
وفق محتوى المسرحية، فإن دوافع الاغتيال مختلفة، لكنها تلتقي في هدف واحد هو إزاحة مثقفين فلسطينيين يخوضون معركة كفاح شعبهم من أجل الحرية والقرار المستقل والخلاص من الاحتلال الإسرائيلي وسط مجتمعات غربية تعتبر من الداعمين والمؤيدين لتل أبيب، فـ”إسرائيل لا تريد من يكشف زيفها وتزويرها للحقائق أمام الرأي العام الأوروبي”.
وفي شهادة قدمتها واحدة من الممثلات، تحكي كيف تعرفت ماري كلود الهمشري على زوجها في مطار ديغول بفرنسا، وكيف وقعا في الحب من أول نظرة، وتقول “كنا نقوم بعد زواجنا بكل شيء معا وفي المظاهرات كنت أحمل علما فلسطينيا صغيرا كتب عليه النصر لفلسطين، وبعد سماعه اغتيال وائل زعيتر في روما قال لي مهما يقع هناك شيء ينبغي أن تعرفيه.. يجب أن تعرفي أنك منحتني أجمل سنوات عمري.”
وكشفت بالتفاصيل عملية اغتياله، وقالت “أحدهم هاتفه من أجل لقائه، وذهب في الساعة المحددة لكنه لم يجد أحدا، فقد تم إخراجه من منزله، وخرجت في الوقت ذاته مع ابنتي آمنة، وفي تلك اللحظة دخلوا شقتنا وزرعوا القنبلة.. وبعد عودته رن الهاتف فرفع السماعة، فسأله صوت: هل أنت محمود الهمشري، فأجاب نعم وبعدها فجروا القنبلة”.
وأوضحت في هذا الصدد كيف لفقت صحيفة فرنسية -لم تذكر اسمها- تهمة لمحمود الهمشري بأنه “جُرح بواسطة قنبلة كان بصدد تصنيعها وانفجرت خطأ، واتهمتني بالتواطؤ وبأنني كنت أزوده بالمتفجرات لأنني أعمل في مختبر، وفوق ذلك رفعت وكالة التأمين قضية ضدي لأنني لم أنبهها لوجود خطر متزايد”.
أما الفنانة الثانية فسردت ملابسات اغتيال عز الدين قلق من واقع شهادة لسفيرة فلسطين في باريس حاليا ليلى شهيد، وكيف دخل مكتبه طالب فلسطيني “أقنعوه بأن قلق كان خائنا، وما أن دخل أخذ يصيح أين قلق؟ أين قلق؟ وقذفه بقنبلة يدوية أحدثت ثقبا في ظهره ومات على الفور في حين قطعت ساقي مساعده عدنان حمد”.
بدورها روت الفنانة الثالثة شهادة برناديت رينبو زوجة نعيم خضر، فقالت “لم يكن يكافح من أجل مذهب سياسي ولا من أجل الكفاح ذاته، كان يكافح لأنه يعشق فلسطين وكان يعرف كيف يكافح باعتباره خطيبا مفوها”.
وتضيف “كان يعرف كيف يربح مؤيدين لقضيته بين السياسيين البلجيكيين أو بين الأوساط الأوروبية لذلك أراد الموساد تصفيته لأنه كان مؤثرا، كان يحارب بقلمه فانتظروه أمام العمارة وأطلقوا الرصاص عليه.” وتواصل شهادتها بالقول “كنت أعرف أن الاعتداء عليه محتمل لكن لم أتصور أن يحدث ذلك في بروكسل فقد أوضح ليّ أنه معرض للموت، وقال لا أخشى على نفسي فأنا لا أهاب الموت وحينما قررت أن أكون داعية لفلسطين كنت أدرك الخطورة.”
وفي حديثه للجزيرة نت، قال مدير مسرح “البلد” رائد عصفور إن العرض يروي حكاية الفلسطيني المهاجر الذي يحمل إلى العالم رسالة المقاومة والعدالة وهو السبب المباشر لتقديمه في عمان. ورأى عصفور أن العرض بسيط لكنه يتضمن حكايات مؤثرة عن الشباب المناضل الذي كان يحاول طرح عدالة قضيته في المجتمع الأوروبي، لافتا إلى أن العرض قدم في بلجيكا بمناسبة سنة فلسطين 2009 ضمن احتفالية كبيرة بالتعاون مع مفوضية فلسطين في بلجيكا وسينتقل من عمان إلى دمشق وبيروت.
ولفت عصفور إلى أن إسرائيل تقابل الثقافة والكلمة بكاتم الصوت لأنها تعرف تأثيرهما على العالم المتحضر ولا تملك أية حلول إلا الاغتيال أو “الطرق القذرة باتهام المثقفين والسياسيين الفلسطينيين أو العرب بالإرهاب ومعاداة السامية.”
www.ezzedinekalak.com | designed by: Hammam Yousef :: Copyright © 2017 - 2018