موقع الشهيد عز الدين قلق

دمـه علينا

الشاعر أحمد دحبور | ذات محكمة نجيء بفقرنا العربيّ ،
أخْرُجُ شاهداً
وأهزّ منهم واحداً ،
وأقول : أنت قتلتني ليلا ً وفي هذا الصباح رفعت
كأسي
ما الفرق بين رصاصة ٍ ورصاصةٍ ما دامتا تصلان
رأسي

عزالدين القلق

دمـُهُ علينا ،
لاأبرىء حيـّة الآبار ،
لا أمشي بأحكام مخففـّة على الدينار ،
لكني أطارد وردة ً سوداء في قلبي ،
وتـُدركني الشواهدُ :
جاء يضحكُ مقبلا ً صوبي ،
وأخرجَ دفترَ الجيب القديم وراح يـُحصي قاتليه ،
لمحتُ دالية تخبـِّئـُهُ وأخرى ترتديه ،
ولم يـُحَدّث عن لياليهِ المـُحيـّرة العجيبة ِ ،
كلّ يوم ٍ تحتَ سقف ،
كل يوم ٍ تحت سقفٍ غير سقف الأمس !!
خلفـُكَ يزحف الطاعون ،والمأفون ، والبوليسُ ،
يـَضحـَكُ : إنـّها باريس ،
يهمس : إنها نصف الضريبة ،
لم يكن يشكو ، وكان يشكّ بالسُتر ِ الغريبة ِ ،
كان يـُسرع تارتين ، وتارة ً يمشي الهُوَيْنى
دمه علينا
دمه علينا ،
لستُ أجلدُ طائرا ً في الروح ِ ،
لستُ أعيشُ من رَيع ِ الجروح ِ ،
لعلَّ هذا المشهدَ المألوفَ يوضح ماأ ُريد،
أرى هنا في شارع الرمق الأخير ِ ،
ولا أزيد عليكَ ،
طائفة من الزعران ،
تحتل المكان وتستعيد سوالف الأزمان ،
ثمّ يطلّ آمرها وقد وضع المسدس عند إليـَتـِه ،
وثبّتَ عقله عند المسدس ِ ،

في المقابلِ ِ مُلصقُ الشهداء يـُشرقُ بالدماء ،
ووجه عزالدين يودعني ابتسامته البعيدة
وأراه يسحب دفتر الجيب القديم هناك ، ثمّ يـُضيف
أسماءً جديدة ْ
هل كنتُ أكتشفُ انهيارات الجبال أم الأغاني ،
حين ودّع مازحا ً قد لاتراني؟
بيننا سفـَرٌ وبعض الشعر،
أذكر منه ” لو أنّ الفتى حجرُ …”

هو الأرض الشقيـّة ُ ،
إن تـَحـِدْ عنه المخاطرُ تستـَعـِدها الجاذبيـّة ُ ،
كان يـَفضحُ سطوة َ الأضواء ،
تبتعد العواصم عنه وهو يَعُدّ ُ حكام َ العواصم ِ ،
يقتلونكَ في الهزائم وانتصارات الهباء ِ ،
يقتلونكَ في الصباح وفي المساء ِ،
يقتلونك في المبيع وفي الشراء ،
وإذ تحيضُ البئرُ بالنفطِ المـُعَكـَّر ِ يقتلونكَ ،
يقتلونكَ حيثما مدحوكَ ،
لكنَّ الصباح يـُعيدُ واقعة انبعاثـك مرة أخرى ،
فيرتجفون ،
تعطيهم لسانك ساخراً فيغمغمون :
” ألا يموت اللاجئون ؟ ”
قـُل لايموت اللاجئونْ
خيـَمٌ …وليلٌ مشمس ،
فأسٌ …ورأسٌ يابس ،
زنزانة …ويقاتلون
قل لايموت اللاجئونْ
قل : هل أتاكَ دم من النبأ الفلسطيني ؟
أشهدُ أنّ حرفتـَه التحمّل ،
أنّه المطعون حيث يكونُ،
تعبره المجاعة ، ثمّ تبترهُ الإشاعةُ ، ثمّ تنشره الإذاعة ُ
رافضاً ، أو يقبل الأيام ،
سيفاً ،أو يدا تتسلق الأوهامَ ،
أشهدُ أنّ حرْفـَتـَه التحمّلُ ،
أنّه النبأ المُطوّلُ عن عواصم تأكل الأطفالَ ،
قال : معي حزام الصبر حتى النصر ،
أمـّا أن نُغيـّبَ أو نُعلـّبَ ، أو نموت على مزاج
الأوصياء ،
فتلكَ منطقة الجنونْ

شاهدت قنبلة على قدمين ،
تسعى في عواصم جزْرِنا العربي ،
قلتُ : دمُ الفلسطيني فاتحة ٌ لهذا المدّ ،
عندي كل أسرار العواصم ،

ذات محكمة نجيء بفقرنا العربيّ ،
أخْرُجُ شاهداً
وأهزّ منهم واحداً ،
وأقول : أنت قتلتني ليلا ً وفي هذا الصباح رفعت
كأسي
ما الفرق بين رصاصة ٍ ورصاصةٍ ما دامتا تصلان
رأسي
وأقول بئر النفط مقبرةٌ لقاتل أهله بالنفطِ ،
مقبرة ٌ لمن يمشي بأمر النفط ،
أحلم ، ذات محكمة سأهتف إنني أبتاع تذكرة
وأحرقها ،
فليست هجرتي قدراً ،
وليس تحمُّلي قدَراً
ولست أرى الفتى حجراً ،
وأصحو ،
إنّ محكمتي بعيدة
وأراه يسحب دفتر الجيب القديم هناك ثمّ يضيف أسماءً جديدةْ
سيكون ذكرى ،
لا، فجمر الذكريات مع امتداد الثلج يبرد في يديْنا
سيكون عطراً،
لا، فعطر النفط أزخمُ في المجسّات السعيدةْ
سيكون رؤيا ،
لا ، فحبر الليل يطمس مارأينا
ـــوإذنْ؟ فعز الدين سوف يكون عزالدين ،
إنّ عـَزّ الوصول إليه يبتكر الطريقة وهو من يأتي إلينا
دمه يوحّدنا ، يجرّبنا ن فإن لم نستطعهُ فإنما دمه علينا …
إنّما دمه علينا
إنّما …

أحمد دحبور

دمشق 1978.8.29.

إقرأ أيضا

Leave a Comment